علم الآثار ترجمة لكلمة أركيولوجيا (archeology) المأخوذة من اللغة اليونانية وهي مؤلفة من كلمتين: أركيو ARCHEO ومعناها القديم، ولوجوس LOGOS ومعناها علم أو حديث، وهذا العلم مختص بدراسة البقايا المادية التي خلفها الإنسان، ويبدأ تاريخ دراسة علم الآثار ببداية صنع الإنسان لأدواته القاطعة، وربما سمي علم العاديات نسبة إلى قبيلة عاد البائدة، وهو دراسة علمية لمخلفات الشعوب الحضارة الإنسانية الماضية، وتدرس فيه حياة الشعوب القديمة.
تخصص علم الأثار يهدف إلى تدريس المعارف النظرية حول الفترات الزمنية من عصور ما قبل التاريخ وحتى العصر الإسلامي، كما يهدف إلى تدريب الطالب عملياً في المواقع الأثرية على أساليب المسح والتنقيب والتوثيق والتي تؤهلهم ليقوموا بدور ريادي في الكشف عن الأثار.
وتشمل تلك المخلفات أشياء مثل: المباني والعمائر، والقطع الفنية، والأدوات والفخار والعظام، وقد تكون بعض الاكتشافات مثيرةً مثل قبر فيه حُلي ذهبية أو بقايا معبد فخم، ويعد البحث الآثاري هو السبيل الوحيد لكشف حياة المجتمعات التي وجدت قبل اختراع الكتابة منذ خمسة آلاف عام تقريبًا، كما أنّ البحث الآثاري نفسه يشكّل رافدًا مهمًا في إغناء معلوماتنا عن المجتمعات القديمة التي تركت سجلات مكتوبة.
ما هي متطلبات دراسة علم الآثار؟
إن الرغبة في دراسة علم الآثار والالتحاق بإحدى الجامعات البارزة في تقديمه مناهجه الأكاديمية فقط لا تكفي؛ بل هناك عدد من المتطلبات التي لابد من توافرها لدراسة علم الآثار ومن أبرزها:
- الشغف للماضي والرغبة في اكتشافه.
- حب المغامرة.
- عشق الطبيعة والرغبة في التعرف عليها.
- التفكير المنطقي والقدرات التحليلية.
- اتقان أكثر من لغة على رأسها اللغة الإنجليزية.
- حب الدراسة ومحاولة اثبات الذات واكتشاف المزيد من الآثار.
- الرغبة في تطبيق كل ما هو جديد من الأساليب والتقنيات الحديثة.
لماذا عليك أن تختار هذا تخصص علم الآثار؟
إذا كان لديك شغفُ الاستكشاف ومعرفة الآثار التي تعود أعمارها إلى مئات وآلاف السنين، فسوف تجدُ ضالتك في هذا التخصص، ودراسة الآثار تتطلب منك مهارةً في فهم وتحليل الأشياء، فضلًا عن حبك للتاريخ لما يجمع بين الآثار والتاريخ من ترابط، كما يتطلب منك دراسة علم الآثار المواظبة على حضور المحاضرات النظرية وورش العمل التطبيقية، وإجراء مشاريع بحثية إضافة إلى الرحلات الاستكشافية، ويدرس علم الآثار البقايا والمخلفات المادية للإنسان من هياكل عظمية وعمائر وصناعات على اختلاف أنواعها، وفضلًا عن ذلك فهو يهتم أيضًا بدراسة المحيط الذي كان يعيش فيه الإنسان، وما يرتبط به من ظواهر طبيعية: كالزلازل والبراكين والفيضانات والمناخ والتضاريس باعتبارها لها تأثير مباشر في حياة الإنسان واستقراره.
يقسم علم الآثار عادةً إلى مجموعة من الفروع والأقسام، وهي تختلف من منطقة إلى أُخرى حسب الفترات التاريخية والحضارات التي عرفتها، وفي الغالب لا نجد مجالًا للآثار الإسلامية في الدول التي لم تشملها الحضارة الإسلامية، كما أنَّ الآثار الإغريقية والرومانية تعد فرعًا قائمًا بذاته بالنسبة لمناطق معينة، وفي مصر أيضًا تعتبر الآثار الفرعونية فرعًا، بينما في الجزائر هناك فروع معتمدة وتدرس على أساس أنها تخصصات مستقلة عن بعضها البعض، ومن أهم المواد التي تتم دراستها في علم الآثار، والتي تشترك فيها أغلب الجامعات العربية والعالمية:
آثار ما قبل التاريخ: يهتم بدراسة الآثار العائدة إلى بداية ظهور الإنسان وإلى غاية ظهور الكتابة.
الآثار القديمة: في هذا الفرع يتم دراسة آثار الحضارات القديمة بدايةً من الحضارة الفرعونية، بلاد الرافدين والحضارة الإغريقية ثم الرومانية والساسانية، بالإضافة إلى باقي الحضارات الأُخرى في مختلف أنحاء العالم.
الآثار الإسلامية: يدرس هذا الاختصاص مختلف الآثار التي خلفها المسلمون منذ ظهور الإسلام إلى نهاية الخلافة الإسلامية.
العلوم المساعدة: كثيرة هي العلوم التي تحتاج إلى غيرها من التخصصات، وعلم الآثار هو الآخر يحتاج إلى مساعدة علوم أُخرى لتحقيق أهدافه، ومن تلك العلوم نذكر منها: علم بصمات الأصابع، علم الركيوزولوجياوهو علم يهتم بدراسة وتحديد الحيوانات من خلال بقاياها العظمية المكتشفة أثناء التنقيبات الأثرية، علم المساحة، علم اللغة، علم الخطوط القديمة.
- علم الأتنولوجيا ويُعدُّ هذا العلم أحد فروع الأنتروبولوجيا، وهو يقوم على الدراسة المقارنة للثقافات المعاصرة لاستخلاص مفاهيم عامة يمكن تطبيقها على المجتمعات البشرية، وتكمن استفادة علم الآثار من هذا العلم في أنّ العادات والتقاليد وأساليب العيش قد تبقى حيةً عبر التاريخ عند شعب من الشعوب.
- علم التاريخ، علم الفيزياء، علم الكيمياء، علم الخرائط، علم الجغرافية.
- علم الباليوايدافولوجيا يهتم هذا العلم بمحاولة إعادة الحالة التي كانت عليها الأرض في العصور القديمة استنادًا لدراسة السويات الأثرية العائدة لكلِّ عصر من العصور، وتحليل عينات من تربتها وما تحتويه من آثار نباتية.
- علم الباليوكليماتولوجيا يدرس هذا العلم الحالة التي كان عليها المناخ في العصور القديمة انطلاقًا من دراسة السويات الأثرية التي ترجع لكلِّ عصر من العصور.
- علم البترولوجيا يقوم هذا العلم بتحاليل فيزيائية وكيميائية على بنية الصخور للتعرف على المعادن والمناجم وتحديد مراكزها، علم الجيولوجيا أو علم الأرض وهو يدرس كوكب الأرض والمواد المصنوعة منها، والعمليات التي تؤثّر على هذه المواد ونواتجها وتاريخ الأرض.
- علم الجيومورفولوجيا وهو علم شكل الأرض يتناول الشكل العالم للأرض بدراسة طبيعية وتقسيم ووصف ونشأة، وتطوّر الملامح التضاريسية الموجودة حاليًا على سطح الأرض.
- علم الباليونتولوجيا يتشابه هذا العلم مع علم الأنتولوجيا في نقاط كثيرة، وهو يهتم بإعادة تصور الحالة الأنتولوجية القديمة لمجتمع من المجتمعات.
- علم الأنتروبولوجيا وهو العلم الذي يهتم بدراسة الإنسان سواءً من الناحية الاجتماعية أو الطبيعية.
- علم الكيمياء يلجأ الأثري لها للتحليل من أجل تحديد تاريخ الهياكل العظمية.
- علم الفيزياء يفيد في الكشف عن المواقع الأثرية، علم المسكوكات هو علم يدرس النقود والعملات التي يتعامل بها الناس على مر العصور.
أخيرًا… بعض الدول ترى علم الآثار مثل أمريكا فرع من الأنثروبولوجيا وهو دراسة الجنس البشري وتراثه الفكري والمادي، وبعض الدول ترى علم الآثار مثل أوروبا أنَّ هذا العلم يرتبط ارتباطًا وثيقًا بميدان علم التاريخ، وبعض الدول تربط بين علم الآثار والسياحة.
ما هي مميزات دراسة علم الآثار؟
يمتلك علم الآثار الكثير من المميزات التي تدفع الطلاب للإقبال عليه دونًا عن غيره؛ فهي تساعد على اشباع الشغف لدى الطلاب ممن يمتلكون الشغف في التنقيب في الماضي واكتشاف ماهية العصور القديمة.
- من خلال دراسة هذا المجال يصبح بمقدور الطالب دارسة العديد من المناهج الأكاديمية، وبالأخص كما ذكرنا أن الدراسة حاليًا تعتمد على الشرح النظري والتوضيح العملي.
- تساعد الدراسة الطلاب على رسم وتخيل الأفق للحضارات الماضية وخلق صور واضحة الملامح للحياة في هذه الفترات والعصور.
- الطالب الدارس هنا يتمكن من البحث في الكثير من المواقع الأثرية فهي دراسة ممتعة ومليئة بالمغامرات والاكتشافات الجديدة.
ما هي مهام عالم الآثار؟
يتعلم عالم الآثار كيفية استخدام الأدوات، والتقنيات بناءً على الفرع الذي ينتمي إليه، ولكن بشكل عام، يجب عليه معرفة أدوات الحفر، وأدوات المختبر، والبرامج الإحصائية، وقواعد البيانات، وأنظمة المعلومات الجغرافية، كما تشمل مهام عالم الآثار ما يلي:
- جمع المعلومات من الآثار، من خلال أخذ الملاحظات، وتسجيلها.
- تحليل البيانات، والعينات، لتفسير حياة الإنسان في الماضي، بالإضافة إلى ثقافته، وأصوله.
- وضع فرضيات علمية حول طريقة عيش البشر قديماً، والبحث للإجابة على الفرضيات المحتملة.
- كتابة التقارير عن النتائج المتوصل إليها.
- تقديم المعلومات المطلوبة حول الآثار الثقافية للجهات المختصة.
مجالات العمل بعد التخرج:
بالنسبة لخريج كلية الآثار ففرص العمل بهذا المجال تكون قليلةً نوعًا ما في أسواق العمل، وذلك عند مقارنتها بتخصصات أُخرى، ولكن مع قلتها تمنح صاحبها مميزات وظيفية واجتماعية هائلة، ولكي تجد فرصتك الحقيقية التي تطمح لها بعد دراستك للآثار عليك أن تكون متميزًا من خلال اكتساب المهارات المطلوبة والقدرة على التحليل، فضلًا عن ملكتك لأهم عامل في مهنة الآثار أن تكون متعمقًا بجذور التاريخ، وبالنسبة للعمل فيكون غالبًا مرتبطًا بالأماكن الأثرية كرحلات التنقيب عن الآثار أو في المتاحف المختلفة، كما يمكنك العمل في المناطق السياحية الأثرية المختلفة والمؤسسات المعنية بالتنقيب، وحماية الآثار المحلية والدولية. لذلك، تُعدُّ وزارة الآثار والسياحة بالإضافة للعمل الجامعي هم الوجهة الأولى التي يطرقها خريج كلية الآثار بهدف العمل. أضف على ذلك، هنالك العديد من المهن الأُخرى التي يمكن لخريج كلية الآثار مزاولتها:
- العمل بطريقة مستقلة بالحفائر مثلما يعمل العديد من المصريين ببعثات كأعضاء بعثة، وكثيرًا ما يكون المقابلُ المادي سخيًا وكثيرًا ويعادل ما يقبضه الزملاء الأجانب.
- العمل في مجال الترجمة فقليل من يكون ملمًا بالآثار والعربية ولغة أُخرى، فيمكنك العمل على ترجمة تقارير البعثات أو منشورات البعثات، وإذا أثبت جدارتك بهذا المجال يتم إيفادك في أماكن أُخرى بالعالم، خاصةً مع قلة الكوادر المتميزة التي تستطيع القيام بمثل هذا العمل.
- العمل بالمعاهد الأجنبية الخاصة بالآثار، فيكون لك فرصة الحصول على عقود قصيرة المدى لمشاريع معينة.
- العمل في المتاحف المختلفة الموجودة ضمن بلدك.
- العمل كمفتش آثار يتبع لوزارة الآثار مباشرةً
- الاندماج في المجال السياحي والإرشاد، وذلك من خلال العمل مع الوفود الأجنبية التي تزور المناطق السياحية الموجودة ضمن بلدك.
- الانضمام إلى هيئة التدريس والهيئة المعاونة في الكلية.
- يمكنك الحصول على بعثة لإتمام الدراسة في الخارج، ومن ثم التعاقد مع شركات البحث والتنقيب أو فريق ترميم الآثار.
إيجابيات وسلبيات التخصص
من المهم أيضًا عند الحديث عن التخصصات والشغف وراء دراستها والعمل بها أن نذكر الإيجابيات والسلبيات التي يمكن أن تؤدي إلى اختيار المهنة من عدمها:
الإيجابيات
هناك عدة إيجابيات ستتمتع بها إذا تخصصتَ من كلية الآثار، ألا وهي:
- يسمح بخيار العمل لصالح القطاع العام أو الخاص.
- يمكنك العمل في الإدارات العامة، ووزارة الثقافة، والمتاحف العامة.
- تتيح المنطقة الخاصة لعلماء الآثار إمكانية تحليل الأراضي لأغراض البناء.
- يمكنهم العمل على البحث أو التطوير الخاص بهم في المجال الأكاديمي.
السلبيات
هناك عدة سلبيات للتخصص ألا وهي:
- لا يعد سوق العمل واسعاً، خلافاً للمهن الأخرى، وبسبب تقدم المناطق الحضرية وخاصة في المدن يكون من الصعب العثور على عمل محلي، ولذلك عادة ما يتعين نقلهم إلى المناطق الخارجية، وإلى المناطق الريفية حيث يجب أن تكون لديهم حياة بدوية مما يجعل الحياة الاجتماعية لعالم الآثار صعبة ونتيجة لذلك، لا تعتبر مهنة ذات أجر جيد.
- يجب عل الخريج أن يعمل في الطقس المتقلب؛ في المطر والشمس والبرد والحرارة الشديدة، اعتماداً على المنطقة التي ستجري فيها أبحاثه.
- يعتبر عملاً شاقاً جسدياً حيث أن البقاء في مواقع نائية والسفر كل شهر يكون صعباً.
مجالات الدراسات العليا :
بالنسبة لخريج كلية الآثار متابعة الدراسات العليا مهم جدًا للحصول على فرصة حقيقية للنجاح في الحياة العملية، ويختلف الماجستير حسب البلد وحسب الجامعة، فكثير من الجامعات تعتبر الآثار كلية بحد ذاتها وتقسم إلى أقسام، ومن الجامعات من ترى الآثار قسم من أقسام كليات أُخرى، ويمكن أن تتبع التاريخ كما في بعض الدول الأوربية، لكن قبل كلّ شيء التميز هو أساس حصولك على فرصة قبول في الدراسات العليا، وأهم الماجستيرات التي يمكن تتابع فيها:
- ماجستير قسم الآثار الإسلامية، ماجستير قسم الدراسات اليونانية والرومانية، ماجستير قسم الترميم الأثري، ماجستير في الآثار الفرعونية
- بالنسبة لأهم الماجستيرات العالمية الموجودة في الخارج: ماجستير في علوم المواد الأثرية (أرتشمات)، ماجستير في علم الآثار عصور ما قبل التاريخ، ماجستير أماه الآثار في جامعة لندن، ماجستير في الآثار الكلاسيكية، ماجستير في علم الآثار شمال غرب أوربا، الماجستير في علم الآثار في البحر الأبيض المتوسط طبعًا هذا يتبع لقسم موجود أساسًا في الجامعات الغربية المتطوّرة والتي تعلّم دراسة الآثار تحت الماء، ماجستير في المناظر الطبيعية والتراث، ماجستير في مجال البحث في الحضارات القديمة والآثار الكلاسيكية.
- لديك فرصة أيضًا للعمل في منح تدريبية تطوعية تعطيك خبرةً تعادل الماستر، وخاصةً مع باحثين أجانب موفدين إلى بلادك، أو كموفد من بلدك للعمل معهم.
ما الفرق بين علم الآثار وعلم الحفريات؟
يدرس كل من علم الآثار وعلم الحفريات البقايا والمخلفات القديمة، إلا أنهما يختلفان عن بعضهما بعدة جوانب، حيث يدرس علم الآثار الماضي البشري، وبعض من ماضي الحيوانات والنباتات، بينما يدرس علم الحفريات تاريخ الحياة على الأرض من خلال الحفريات، والتي تشمل أحافير الديناصورات، والحيوانات، والنباتات، والبكتيريا، كما أنّ دراسة علم الحفريات تعتبر أقدم من علم الآثار، فقد ظهرت الحياة على الأرض منذ حوالي 65 مليون سنة، وكانت تشتمل على كائنات حية غير الإنسان.